بدايةً، أرحّب بكم جميعًا، زميلاتٍ وزملاء، عمداء ومدراء، باحثين وأكاديميين، وبالأخص ضيوفنا الكرام من جامعات ومعاهد العراق الحبيب واليمن العزيز.
أهلاً وسهلاً بكم في لبنان، بلدكم الثاني، وفي بيروت، وفي رحاب الجامعة الأمريكية للثقافة والتعليم.
لقد اخترنا لمؤتمرنا هذا العنوان: “توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في التدريب والبحث العلمي”
لأنه ليس مجرد موضوع عصري، بل قضية باتت تمسّ جوهر عملنا الأكاديمي والبحثي.
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي واقعًا لا يمكن تجاهله، أداةً تسهم في ترشيد البحث، وفي تصميم برامج تدريبية أكثر ابتكارًا وفاعلية.
صحيح أن الذكاء البشري هو القدرة على التعلم، على الإبداع، على التحليل. لكن الذكاء الاصطناعي هو محاكاة لتلك القدرات، عبر أنظمة قادرة على تحويل البيانات إلى حلول.
وهنا تبرز تساؤلات محورية، لا بد أن نطرحها بجرأة:
– هل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي سيُضعف قدراتنا الإبداعية؟
– هل سنعتاد على السهولة، فنهمل التفكير العميق والتحليل النقدي؟
– وكيف نضمن أخلاقيات الاستخدام، من حماية الحقوق الفكرية إلى ضمان الشفافية في النتائج؟
هذه الأسئلة لا تهدف إلى التخويف، بل إلى التبصّر. فالذكاء الاصطناعي، في نهاية المطاف، ليس كائنًا مستقلًا… إنه خوارزميات، نحن من نصمّمها، نحن من نوجّهها، ونحن من نُحاسب على نتائجها.
إن هذه الأسئلة لا تُقلل من قيمة الذكاء الاصطناعي، بل تؤكد ضرورة أن نُحسن توجيهه. ولا يغيب عنا أن عدداً من الجامعات المرموقة باتت تُدرّس “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” كمقرر أساسي، إدراكًا منها بأن المسألة ليست تقنية فحسب، بل هي ضامنٌ لمستقبل البحث العلمي ومصداقيته.
الحضور الكريم،
إنني أُورد هذه الملاحظات لا من باب التخويف، بل من باب الاستشراف، كما كان يفعل الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، الذي قال:
“كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.”
نحن اليوم أمام مسؤولية مماثلة: أن نتبنى الذكاء الاصطناعي لا أن نتبعه، أن نجعل منه أداةً للارتقاء لا سببًا للاتّكال. فلنسأل عن التحديات، لا خوفًا منها، بل استعدادًا لها. وليكن الذكاء الاصطناعي أداةً نُحسن توظيفها، خادمًا يعين الإنسان، لا سيدًا يتحكّم به.
شكرا للجنة المنظمة للمؤتمر ولكل من ساهم في تحقيقه.
شكرًا لحضوركم، وأتمنى لكم مؤتمرًا مثمرًا وغنيًا بالحوار والمعرفة.
